6 نقاط هامة في مُقابلة الرئيس الأسد الأخيرة تستحقّ التوقّف عندها
*عبد الباري عطوان
هُناك عدّة نقاط في مُقابلة الرئيس الأسد الأخيرة ونجد لزامًا علينا التوقّف عندها لِما تعكسه من تغيّرٍ “إيجابيّ” في النّهج السوري على الصّعيدين العربيّ والدوليّ:
الأولى: تأكيده أن سورية ستُقاوم أيّ غزوٍ تركيّ لأراضيها على الصّعيدين الرسمي والشعبي، ولن تقبل بإقامة ما يُسَمَّى بالمناطق الآمنة، والجيش السوري كبّد نظيره التركي خسائر كبيرة في مُواجهاتٍ جرت قبل عامين.
الثانية: تحرير إدلب سيتم في نهاية المطاف، والشّيء نفسه يُقال عن مناطق شرق الفُرات، والمُشكلة تكمن في العُملاء الذين يتعاونون مع الغازي (قوّات سورية الديمقراطيّة)، وستُجبر المُقاومة الشعبيّة القوّات الأمريكيّة المُحتلّة على الانسِحاب إن عاجِلًا أو آجِلًا.
الثالثة: علاقة سورية مع إيران أو أيّ دولة أُخرى غير قابلة للنّقاش مع أيّ جهة في هذا العالم، ولا أحد يُحَدِّد لسورية مع من تبني أو لا تبني عُلاقات، وكثيرٌ من الدّول التي كانت تطرح موضوع العُلاقات السوريّة مع إيران وتُريد قطعها (مُقابل عشرات المِليارات من الدّولارات) هي نفسها التي تُحاور إيران هذه الأيّام.
الرابعة: سورية لم تخرج من الجامعة العربيّة بل ما زالت موجودةً فيها، ما حدث هو تجميد عُضويّة، سورية بقيت في مكانها، ولم تخرج من أيّ بابٍ عربيّ واسع أو ضيّق، حتى تعود، وما زالت تتعامل مع القضايا بطُرقها الخاصّة، وحسب رؤياها.
الخامسة: ليس لدى سورية أيّ “حقد” تُجاه الدّول التي تخلّت عنها في أزمتها، لأنّ الحقد لا يُؤدّي إلى أيّ شيء وهو من شيم الصِّغار، الخسارة حصلت، والدّمار حصل، الدّماء نزفت، والعِتاب لن يُغيّر أيّ شيء، ودعونا ننظر إلى المُستقبل.
السادسة: الوزن الوحيد للقمّة العربيّة المُقبلة يأتي من كونها ستُعقَد في الجزائر الدّولة التي نُقيم معها علاقات تاريخيّة ومُنذ اليوم الأوّل لاستِقلالها، السُّؤال هو ماذا ستفعل الجامعة العربيّة، هل ستستمر على نهجها الذي سارت عليه في السّنوات العشر الماضية في تشريع التدخّل في سورية وليبيا وتدميرها، أم ستتبنّى نهجًا مُختلفًا سواءً كانت سورية داخلها أو خارجها؟
هذا الخِطاب الرسمي السوري الجديد يتّسم بالعقلانيّة، والقراءة الصّحيحة للأوضاع على الأرض، مثلما يتّسم أيضًا بضبْط النفس، وعدم الانفِعال، الصّبر الاستراتيجي بعيد المدى، والقراءة الصّحيحة للتطوّرات السياسيّة في المِنطقة والعالم، والتّسامي عن الأحقاد، دُون التخلّي عن القيم والمبادئ والرّؤى المُتَجِّذرة، وربّما هذا ما يُفَسِّر ما حقّقته سورية وجيشها من إنجازاتٍ على الأرض رُغم الحِصار والمُؤامرات والطّعنات في الصّدر والظّهر، وضخّ مِئات المِليارات من الدّولارات بهدف التّخريب والتّفتيت للوحدتين الأرضيّة والوطنيّة.
التحالفات الإقليميّة والدوليّة التي نسجتها القيادة السوريّة، سواءً مع إيران أو روسيا الاتحاديّة، ثَبُتَ أنها كانت وما زالت الخِيار الصّائب، فهذه الدّول إلى جانب الصين، كانت الخِيار الأمثل، فها هي روسيا تنتصر اقتصاديًّا وسياسيًّا في حربها “الاستباقيّة” في أوكرانيا، وها هي الصين تُوشِك أن تتربّع على عرش العالم في ظِل التّراجع الأمريكي، أمّا إيران التي قاتلت بالدّم على الأرض السوريّة فقد أصبحت قوّةً إقليميّةً عُظمى، تعتمد على التّسليح الذّاتي، ودوّخت أمريكا وأهانتها ولم تُقَدِّم تنازلًا واحدًا في المُفاوضات النوويّة(…)وأصبحت تُشَكِّل تهديدًا وجوديًّا لدولة الاحتِلال الإسرائيلي.
صحيح أن الظُّروف المعيشيّة صعبة، والمُعاناة الشعبيّة مُتصاعدة ومُؤلمة، وكُل هذا بسبب حِصار قانون “قيصر” الأمريكي الإسرائيلي، إلا أن الصّحيح أيضًا أن سورية صمدت، واستعاد جيشها العربيّ مُعظم أراضيها، وبدأت السَّيْر على طريق التّعافي ولوْ بِبُطْئ.. واللُه أعلم.